حذر مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)، من اعتماد سياسة التقاعد المبكر كأداة لتخفيض الإنفاق على فاتورة الرواتب، وأن التوجهات لإحالة 30 ألف موظف في القطاع الحكومي؛ سيكون لها العديد من التأثيرات السلبية الناتجة عن انخفاض دخل الأسر. وقال المرصد إن هناك عشرة قضايا أساسية يجب أخذها في الحسبان قبل الشروع في خطة الاصلاح المالي:
أولاً: عدم تحويل التقاعد المبكر لأداة انتقامية أو لفرض وتثبيت وقائع جديدة في بعض الهيئات.
ثانياً: غياب خطة واضحة ومدروسة لعملية التقاعد المبكر، تزيد من صعوبة التعامل مع نتائجه على الاقتصاد ومعدلات البطالة وانخفاض مستويات الدخل، إذ سينتج عن التقاعد المبكر منافسين جدد في سوق العمل لخريجي الجامعات من المتقاعدين والمتقاعدات من الوزارات والهيئات الحكومية.
ثالثاً: سيكون له العديد من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تخفيض الدخل لآلاف الأسر الفلسطينية، فإجراء كهذا على مستوى آلاف المواطنين، يعني انخفاض على مستويات الدخل قد تصل إلى 30 -40%.
رابعاً: إنّ تطبيق خطة تقاعد اختيارية في قطاعات محددة وحيوية (كالصحة والتعليم)؛ سيؤدي الى تردي الخدمات في هذه القطاعات.
خامساً: طرح تطبيق التقاعد المبكر على موظفي قطاع غزة كأحد الحلول المقترحة ضمن خطة التقاعد المبكر، خيار غير مجدي، إذ أن توجيه التقاعد للعاملين/العاملات في قطاع غزة والمحسوبين على السلطة الفلسطينية، لن يحدث فرقاً في تخفيض فاتورة الرواتب، حيث أنهم يتقاضون 70 % من رواتبهم منذ عدة سنوات. إنَّ التغيير الوحيد الذي يمكن أن يطرأ على وضع هؤلاء العاملين/ات هو نقلهم من سجلات وزارة المالية الى سجلات هيئة التقاعد العام، علماً أن عدد هؤلاء الموظفين/ات لا يتجاوز ال 14 ألف موظف/ة. بمعنى أن ذلك لن يُحدث أي فرق على فاتورة الرواتب حتى لو قامت وزارة المالية بإحالتهم جميعاً للتقاعد المبكر.
سادساً: اجراء عمليات تقاعد واسعة وما يرافقها من انخفاض للدخل؛ سيؤثر على معدلات الاستهلاك في السوق المحلي بالدرجة ذاتها.
سابعاً: فرض التقاعد على موظفي قطاع غزة على اعتبار سهولة تطبيق هذا الإجراء؛ سيؤدي الى مزيد من الانقسام، إلى جانب عدم جدواه المالية.
ثامناً: من المهم الإشارة إلى أن التكلفة الأعلى على مستوى الرواتب والنثريات تُسجَّل في قطاع الأمن، إلا أن هذا القطاع لازال يشهد عمليات توظيف جديدة، لا يعارضها المانحين الغربيين.
تاسعاً: لا يمكن تطبيق هذا الاجراء دون تحديد آليات جديدة وسريعة لسداد الديون لصالح هيئة التقاعد العام، حيث سيثقل الهيئة بآلاف المتقاعدين الجدد، الأمر الذي سيؤدي الى عدم قدرتها على دفع رواتب المتقاعدين. مع الإشارة إلى استبعاد قدرة الحكومة على إغلاق هذا الملف للسنوات القادمة، حيث وصلت قيمة المتأخرات لصالح هيئة التقاعد لغاية العام 2021 ما يقدر بـِ 9 مليار شيكل، ومع الوضع المالي الحالي للحكومة فإنه من الصعب تسديد هذا المبلغ،
عاشراً: لن تتمكن الحكومة من تطبيق نظام تقاعد اختياري (كمرحلة أولى من خطة الإصلاح المالي)، ما لم تشجع العاملين/ات عليه، كأن تقدم منافع ونسب تقاعد مرتفعة، ودون ذلك لن يلجأ الموظفين/ات لطلب التقاعد، حيث أن غالبية من يلجؤون إلى التقاعد المبكر هم فئة تمتلك فرص عمل أخرى أو استثمار في مكان آخر، دون ذلك فالعلمية بجوهرها اجبارية، وهذا يعيدنا إلى سؤال حول الجدوى المالية لهذا الاجراء!
فلا يمكن الحديث عن خطة إصلاح عادلة وقائمة على تلبية الأولويات التنموية في ظل غياب مجلس تشريعي، وعزل الشعب الفلسطيني تمامً عن نقاش المستقبل المالي للسلطة الفلسطينية، وحصره بين وزارة المالية والبنك الدولي. كما لا يمكن خفض العجز في الموازنة العامة دون مقاومة الإجراءات الإسرائيلية فيما يتعلق بالاقتطاعات من أموال المقاصة.